Issad_Rebrab_Emanuel_Macron

يسعد ربراب يروِّج لمشروع “اوروـ أفريقي”

“إنّ فرنسا تتأهّب لتحضير الموعد “ألأوروـ أفريقيي” مع التاريخ  في سياق المصير المشترك العظيم الذي ينتظر أوروبا وإفريقيا”
” […] مأساة أفريقيا تتجسّد في أن الرجل الإفريقي لم يدخل بعد, في التاريخ  بالقدر الكافي ”
(مقتطفات من خطاب داكار لنيكولا ساركوزي 2007)

بقلم محنّد بري

لن نتطرّق في مقالنا هذا إلى القضايا و التحقيقات المتعلِّقة برجل الأعمال إسعد ربراب  على غرار أرباب عمل آخرين مع العدالة الجزائرية في الوقت الرّاهن. و هذا إعتباراً لمبدأ افتراض البراءة وحق كل فرد في التمتّع بالمزايا الكاملة للقانون من جهة و إحتراماً لمجرى التحقيق مِن قِبل العدالة من جهة أخرىى.

بل إنّ موضوع مقالنا هذا مختلف تمامًا ويتعلق بمشاركة و إنتماء رئيس مؤسّسة “سي في تال”  إلى مخطّط جيو سياسي عالمي قديم العهد، حيث تم رسم محاوره الرئيسية في القرن التاسع عشر ، مع بداية الاستعمار.

و قد ٱُطلق على هذا المشروع الجيوسياسي اسم: أورفريقيا. (Eurafrique).

و تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا المشروع أتى ردًّا ومُوازنة و توازياً مع مشروع أوراسيا
  (Eurasie)، . الذي تعود جذوره إلى بيير الأكبر ، في القرن الثامن عشر.
و بات من المعروف أنّ الرئيس الرّوسي فلادمير بوتين جدّ متمسَّكٍ بتحقيقه. حيث أن هذا المشروع يطمح إلى تجنيد تمّ توحيد الشرق في مكوِّناته المختلفة الكونفوشيوسية والإسلامية ، تحت الرّاية الرّوسية بهويّتها السّْلافية الأرثوذكسية ، حسب وجهة نظر مصمِّميها.
و كما هو معروف في العلن، قام إسعد ربرآب يدعو إلى إنجاز ما سمّاه بِ “مخطّط مارشال” (*) لأفريقيا، أمام جمهور مؤلَّف من أرباب عمل وسياسيين أوروبيين قادمين من أقطابٍ مختلفة في فرنسا شهر أغسطس عام2012 .

 وقد بدا لنآ أن نتسائل شرعاً عن الدّوافع  التي حفَّزت مثل هذه الدّعوة ؟   

و إذا بإسعد ربراب  يُوضّح بنفسه أن “المخاطر الأمنية المتعلِّقة بالهجرة من إفريقيا إلى أوروبا هي من العواقب المتوقَّعة التي تنْدرج عن الإختلالات في التوازن بين الديموغرافية و معدّلات الثروة.” على حدّ تعبيره.
لا يمكن لأي عقل  مسؤول أن يقوم بالتشكيك في موضوعية بيان ربراب هذا. خصوصاً فيما يتعلق بالمخاطر الأمنية والبيئية ، كما هي محدّدة في تدخُّلاته .

السؤال هنا يتعلق بالحلّ الذي يدْعمه رجل الأععمال الجزائري وهو ذو شقين.
ألأول هو ما دعاه بالحل الأوروـ أفريقي. وقد يجذرالتساؤل هنا، عن ما إذا كان طريق خلاص إفريقيا يمرّ”حتماً” بالمشروع الجيوسياسي  الأورـ أفريقي  (Eurafrique). ؟

هنا يمسان الحلّ الذي يدْعمه رجل الأععمال الجزائري وهو ذو شقين.
ألأول هو ما دعاه بالحل الأوروـ أفريقي. وقد يجذرالتساؤل هنا، عن ما إذا كانت طريق خلاص إفريقيا تمرّ”حتماً” بمُفترق طرق  الأورـ أفريقيا  (Eurafrique). ؟

هذا و يُصِرّ ربراب، في تدخّله على ما دعاه “بالقدر المشترك” بين القارّتين. علماً أن نيكولا ساركوزي إستخدم هذا المصطلح نفسه، عام 2007 في “خطاب داكار” المهين.

بأي حق وأيّة أيديولوجية أو فلسفةٍ سياسية ، باتت إفريقيا ملزمةً بإتّباع “مصير مشترك” مع أوروبا، في زمنٍ يشهد العالم فيه بروز أقطاب قوى متعدِّدة ومتنوعة للغاية، بما في ذلك أوراسيا ، المذكورة سالفاً؟
وبشكل أكثر تحديداً ، لماذا يجب على إفريقيا أن تدير ظهرها للولايات المتحدة وروسيا وخاصة الصين (**)؟
هذا ليس مرغوب فيه فحسب، بل و غير معقول أصلاً.
لا سيما وأن القارة لديها حاليا كل الموارد المالية والبشرية لتنفيذ جميع المشاريع ، مهما كان حجمها، لا سيما في شراكة مع العملاق الجيوـ إقتصادي الصيني.

و امّا عن تساؤلنا الثانيي فيرتبط مباشرة بشخص إسعد ربراب، وبالأحرى بالمجموعة “السياسية ـ المالية” التي يجسدها و ينتمي إليها.
فسؤالنا بسيط:
بحكم أي توكيل و أية مبادئ سياسية أو مؤسساتية ، إرتبط ربراب بهذا المشروع الأوربي؟
 بمعنى آخر ، هل بات ربراب ممثلاً لإفريقيا ،أو أوروبا ، أو الجزائر؟
و من الذي كلّفه وأين ومتى وكيف؟
و من جهة أخرى، هل تفتقر أوروبا، و في الواقع فرنسا، إلى سياسيين ومؤسسات و أرباب عمل مؤهّلين لمناقشة مشروع بهذا الحجم والنوعية مع نظرائهم الأفارقة ، وخاصة الجزائريين؟
بالطبع لا.

و بالأحرى، هل هذا شرط سياسي تريد فرضه أوربا٬ وبالخصوص فرنسا، لتنفيذ مشروعها الأورو ـ أفريقي.
والمجموعة التي يمثلها إسعد ربراب معروفة في الجزائر من خلال توجّهاتها الإيديولوجية السياسية المُعبّر عنها بوضوح في جريدته اليومية “ليبرتي” ؟

ففي هذا الإطار ، وبغض النظر عن الاتجاهات الأيديولوجية والجيوسياسية لهذه المجموعة ، يجب الإشارة إلى أن  هذا اللّوبي لا يُمثل سوى أقلية صغيرة جدًا من الشعب الجزائري
، في هذا الإطار لا يمكن تطبيق مشروع الأورو ـ ٱفريقة إلاّ من خلال نظام سياسي إستبدادي.
و هذا ما يؤدي إلى الكوارث التي يدعون مكافحتها بالذات .
أي الهجرة المكثّفة من أفريقيا إلى أوروبا وإنتشار الفوضى و الإرهاب .
و بمعنى آخر، قد تثيرهذه القرارات، بطريقة ميكانيكية ، مخاطر أمنية كبرى من شأنها أن تزعزع الأمن الإقليمي وحتى العالمي.
إذا كانت الديمقراطية وحدها لا تضمن ، في أفريقيا ، الأمن والازدهار ، لا يمكن تصور أي سياسة أمنية مسؤولة دون إحترام إرادة الغالبية العظمى من السكان ، مع الأخذ بعين الإعتبار لحقوق جميع الأقليات الإيديولوجية, السياسية والإجتماعية والثقافية.

إن إفريقيا ، وخاصة الجزائر من جهة، وأوروبا وخاصة فرنسا من الجهة المقابلة، لديهما مصلحة إستعجالية في بلورة استراتيجية على مستوى التحديات الكبيرة للعصر.

و بات من البديهي أنه، لا يمكن تجاهل المبادئ العالمية للمساواة بين جميع الشعوب والحضارات وكذلك مبادئ حق الأمم في الحرية والعدالة والاستقلال الوطنى، لتفعيل هذه الاستراتيجيات بطريقة ناجعة.

إن في هذا الإطار الحافظ لمصالح القارتين ما قد يسمح بتطوير تعاون مثمر حقاً بين أفريقيا و ٱوربا عموما، والجزائر وفرنسا على وجه الخصوص.اذْ أن الجغرافيا تحثّ أكثر من التاريخ، هذين البلدين إلى بناء علاقات صحيحة ودائمة.

حيث أن عدم الانحياز هو أحد الأركان الأساسية لاستقلال الجزائر الذي تحقق بالتظحيات التي يعرفها الجميع. (***)

و أما فيما يتعلق برجال الأعمال ، مثل ربراب، الذين يدّعون أنهم ضحايا ضغوط سياسية شديدة، فمن المستحسن أن أن يهتمّوا أساسا بأنشطتهم كمقاولين.
 و بهذا سيتجنبون الخلط لأحمر المُنافي للديمقراطية و السِّيادة الوطنية و الذي يتمثل في الجمع بين السياسة و المال.

(*) ما هو مخطَّط مارشال؟
“مخطَّط مارشال” هو الاسم الذي أطلقته الولايات المتحدة عام 1947 لمشروع جغرافي اقتصادي يهدف إلى استخراج النفوذ السوفيتي من الدول الأوروبية ، ستة عشر إجمالاً .
يهدف لإسثخراج النفوذ الأورو ـ أسيوي (Eurasie) و الصين بالخصوص. “مخطّط مارشال” الذي يدافع عنه إسعد ربراب ؟
هذا هو لبّ الموضوع.

(**) إنّ “اإفْريقيّّة” هذه المجموعة المالية ـ السياسية، من إلهامٍ إستعماري. وانحِذارها ، في المغرب الكبير ، ولا سيما في الجزائر ، يتمثّل في البربرستية, (Berberisme) أيديولوجية معادية أساسا للعروبة و العرب، ومناهضة للإسلام و المسلمين. هذه الأيديولوجية تعتبر دخيلة على المغرب العربي.”.
ولقد بات غني عن التعريف بأن البربرية, (Berberité) ,بعيدة تماماً عن البربرستية. حيث أنها تُعدّ بعداً من أبعاد الشخصية الجزائرية التي لا يستطيع سكان جرجرة (القبائل)  إحتكاروها.
 فيما أن البربرستية دّخيلة لأنها منتوج المخابر الإستعمارية الفرنسية.
(***) العلاقات الجزائرية الصينية من خلال المنشور الفرنسي
ترجمة عبد العزيز وانجلي

https://youtu.be/pLzVS5iALnE