– أثار القصف الجوي الذي استهدف في وقت متأخر ليلة الثلاثاء مركزاً لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين في ضاحية تاجوراء، شرق العاصمة الليبية طرابلس ردود فعل أممية وافريقية منددة بهذه “الجريمة البشعة”، داعية في الوقت ذاته الى بذل جهود إنسانية عاجلة لحماية هؤلاء المهاجرين المستضعفين.
وتأتي هذه الغارة الجوية على مركز ايواء تاجوراء في وقت أعلنت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر أنها سوف تبدأ غارات جوية مكثفة على أهداف في طرابلس بعد “استنفاد وسائلها التقليدية في الحرب” وفي ضوء احباط محاولتها للسيطرة على العاصمة الليبية منذ ثلاثة أشهر، حيث استعادت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية منذ أيام قاعدة عسكرية مهمة في مدينة غريان من قبضة هذه القوات والتي كانت تتخذها مقرا لقيادة عملياتها العسكرية منذ إعلانها في الرابع أبريل الماضي عن “عملية عسكرية” للسيطرة على طرابلس.
وكانت وسائل إعلام مقرّبة من حفتر تحدّثت مساء السبت الفارط عن استهداف طرابلس وتاجوراء بـ”سلسلة غارات جوية” بحسب تقارير صحفية.
وفي هذا السياق، ذكر مركز الطب الميداني بوزارة الصحة بحكومة الوفاق أن “القصف الجوي أسفر حسب حصيلة أولية أكثر من 40 قتيلا وما يزيد عن 130 جريحا”، مشيرا إلى أن “فرق الإسعاف والطوارئ هرعت إلى مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين”.
وأوضح العقيد مبروك عبد الحفيظ رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لحكومة الوفاق إن “مركزا لإيواء مهاجرين غير شرعيين في تاجوراء تعرض لقصف جوي “، موضحا أن “المركز يضم 610 مهاجرين من مختلف الجنسيات ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات”.
وعقب الغارة أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية بياناً اتهم فيه قوات خليفة حفتر ب”قصف مركز إيواء المهاجرين” وبمسؤوليته عن هذه “الجريمة البشعة”، واصفا الهجوم بأنه “جريمة قتل جماعي وجريمة حرب تضاف لقائمة الانتهاكات الجسيمة ضد الإنسانية من جانب قوات حفتر”.
كما اعتبر البيان أن “هذا القصف الذي طال مركز الإيواء كان متعمدا ولم يكن بشكل عشوائي بل كان باستهداف مباشر ودقيق” وقال في هذا الإطار “نطالب بشكل فوري من البعثة الأممية لدى ليبيا إدانة هذا العمل البربري الهمجي وإرسال لجنة تقصي حقائق على الفور لمعاينة الموقع وتوثيق هذه العملية الإجرامية ، كما نطالب المجتمع الدولي من خلال الاتحادين الأفريقي والأوروبي والمنظمات الدولية باتخاذ موقف واضح وحازم من هذه الانتهاكات المستمرة والعمل على إيقاف هذا العدوان فورا”.
وفي رد فعلها على هذا الهجوم ، أدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بأشد “عبارات الشجب” القصف الجوي ضد مأوى المهاجرين في تاجوراء .
وأعرب الممثل الخاص للأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، عن “إدانته الشديدة لهذا العمل الجبان”.
وأكدت البعثة الأممية، أنها “تتابع عن كثب شديد التقارير المتعلقة بادعاءات القتل خارج القانون في مختلف الأماكن بما فيها ما حدث مؤخراً في غريان، وغيرها من الوقائع المماثلة التي حدثت في ضواحي طرابلس” ، مؤكدة “إلتزامها برصد وتوثيق كافة الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي ورفع التقارير إلى الجهات المعنية في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لملاحقة الجناة”.
وقد أرسلت البعثة الأممية لجانا للتحقق المباشر على الأرض الى مختلف الأماكن التي قد تعرضت لهذه الانتهاكات”، بحسب تقارير اخبارية.
كما دعت بعثة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها إلى “وقف فوري لكافة الانتهاكات الصارخة والاعتداءات المتكررة ضد المدنيين والبنى التحتية المدنية لاسيما الصحية والاستشفائية منها وتذكّر كافة الأطراف بالتزاماتهم بموجب القوانين الدولية النافذة”.
بدورها، أدانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين القصف الذي استهدف مركز المهاجرين غير الشرعيين. حيث دعت المفوضية ـ على صفحتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، إلى تجنيب المدنيين تداعيات الصراع، مشددة على “ضرورة لا يكون المدنيين هدفا للصراع .
وقالت المفوضية إن عدد المحتجزين في مركز المهاجرين غير الشرعيين “تجاوز 600 لاجئ ومهاجر”.
من جهته، أدان الاتحاد الإفريقي بشدة القصف الجوي الذي استهدف مركزا للمهاجرين غير الشرعيين في ليبيا. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي – في بيان نشر على موقع الاتحاد الإفريقي -“إن الاتحاد يدين بشدة القصف الجوي على أحد مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، مطالبا ” بإجراء تحقيق مستقل من أجل ضمان محاسبة أولئك المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة في حق المدنيين الأبرياء”.
كما جدد دعوته لوقف إطلاق النار وحث جميع الأطراف على ضمان أمن وحماية جميع المدنيين ولاسيما المهاجرين ، ودعا المجتمع الدولي إلى “بذل جهود إنسانية عاجلة لحماية المهاجرين المستضعفين ومضاعفة الجهود الرامية إلى حث جميع الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات”.
ويتخذ المهاجرون من الدول الأفريقية والعربية من ليبيا نقطة انطلاق رئيسية سعيا للوصول إلى أوروبا خاصة إيطاليا عن طريق البحر.
وتشهد ليبيا معارك قرب طرابلس بين قوات المتقاعد خليفة حفتر وقوات موالية لحكومة الوفاق، منذ شن حفتر، في الرابع من أبريل الماضي لهجوم عسكري على طرابلس في محاولة للاستيلاء على العاصمة الليبية قابلته حكومة الوفاق بعملية “بركان الغضب” لصده.
وتسببت المعارك في مقتل 739 شخصا وإصابة أكثر من 4 آلاف جريح، بحسب الأمم المتحدة.
تلخيص و.أ.ج